Interviews (Arabic)  حوارات مع التجاني بولعوالي

 المجلة المغربية "صوت المهاجر" في حوار مع الباحث المغربي د. التجاني بولعوالي حول مختلف قضايا الهجرة والثقافة المهاجرة ومغاربة أوروبا والعالم.

الخوف بين الإسلام والغرب متبادل.. وأغلبه متوهم!

حتى يستوعب القارئ هذه الفرضية التي تبنيتها منذ البداية وحاولت تأكيدها، ميزت بين السياق والمخيال، فمصطلحات الغرب، الإسلام، الأصليون، الأجانب، الذات، الآخر وغيرها تحيل بالدرجة الأولى على السياق أو المكان، لأنها في الأصل وليدة البيئة التي تحضنها، فهي تتحدد بحسب الظروف الطبيعية والسوسيو-اقتصادية لمحيطها الخاص، غير أنها على المستوى الاصطلاحي والابستيمولوجي والرمزي لا يمكن فصلها عن التصورات والمشاعر والانفعالات والطموحات التي تحصل مسبقا في البيئة النفسية والذهنية أو ما يعرف بالمخيال. وهذا لا يعني الانتصار لنظرية المثل الأفلاطونية التي تجعل العالم الأرضي المزيف انعكاسا لعالم المثل الحقيقي، بقدر ما يعني أن الكثير من المفاهيم الكلاسية والحديثة لا تتجاوز إحداثيات المتخيل والمتوهم والممكن، فهي تعكس نقيض الواقعي والحقيقي والكائن، فالشرق، على سبيل المثال لا الحصر، حسب تفسير إدوار سعيد المشهور ليس حقيقة خاملة من حقائق الطبيعة، وإنما مجرد فكرة ذات تاريخ وتراث من الفكر، والصور، والمفردات التي أسبغت عليه حقيقة وحضوراً في الغرب ومن أجل الغرب. وهذا ما قد ينطبق إلى حد ما على الإسلاموفوبيا التي هي في أغلبها متوهمة، أو مفبركة من طرف الإعلام المؤدلج والتيارات الشعبوية لترهيب ومن ثم استقطاب الغربيين الأصليين من الإسلام والمسلمين، لا لشيء إلا لتحقيق أهداف سياسية وإيديولوجية. من الأكيد، هناك خوف واقعي سواء لبعض الغربيين من الإسلام أو لبعض المسلمين من الغرب، لكن بشكل جد نسبي، لا كما توهمنا وسائل الإعلام المؤدلجة وأحزاب اليمين المتطرف.


التجاني بولعوالي يفوز بجائزة أفضل عمل صحافي

مسألة الجوائز الأدبية والفكرية لها جوانب سلبية وأخرى إيجابية، فهي تنحدر بالكاتب إلى الحضيض عندما يسعى إليها سعيا، ويقوم بالمستحيل للظفر بها، وعوض ما يجد ويجتهد في إنتاج إبداع أو فكر أو معرفة متميزة ومفيدة، فإنه يخطط مسبقا لكتابة شيء على مقاس الشروط التي تطرحها لجان الجوائز، فيخضع إنتاجه لما هو خارجي من المؤثرات التي لا تمت بصلة إلى الكتابة والإبداع والتفكير، وهكذا نساهم في قتل عناصر الفرادة والعفوية والإيحاء والخلق في النص، فما أكثر النصوص الفائزة بالجوائز التي لا أثر لها يذكر، وما أكثر النصوص المقصية التي تظل حية وحاضرة. وفي المقابل يمكن أن ترقى الجوائز بالكاتب عندما تحكمها النزاهة، ولا يكون الهدف منها إلا تبادل الخبرات والتجارب والتنافس الشريف والمثمر.

وما يروقني في جائزة الرابطة لأفضل مقال بالفعل (مقال: حكمة الضفدع.. في عالم متعدد!) أنني لم أتقدم لها، بل ولم أسمع على الإطلاق بوجودها، لذلك فإنني أقدر هذا التكريم غير المتوقع غاية التقدير، لا سيما في زمن يعاني فيه كل من لا يحمل إيديولوجيا معينة من إقصاء ممنهج، وإن كان يقدم إنتاجا فكريا متميزا وقيما.


تطرف الشباب المسلم.. جهل وأزمات تربية وهوية

كيف تفسر العمليات الارهابية التي يتولاها هؤلاء الأشخاص؟

أولا وقبل كل شيء ينبغي أن نميز بين نمطين جوهريين من "الجهاديين" المسلمين الذين ينحدرون من الوسط الأوروبي والغربي، حتى نؤسس رؤية واقعية حول هذه الظاهرة التي انتشرت بشكل واسع ومختلف تماما، لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. النمط الأول هو الذي أشرتم إليه في مساءلتكم، وهو يتمثل في ذلك الشباب الذي ظل في تربيته وتكوينه بعيدا عن الإسلام؛ عقيدة وتدينا ومعاملات، وإذا به ينقلب رأسا على عقب، فيكتشف الإسلام بشكل سطحي وعرضي، إما بواسطة شبكة التواصل الاجتماعي، أو عن طريق بعض الدعاة والأئمة النشطين، ويتعرض هذا النمط من الشباب لغسيل ذهني، يشحن فيه بأفكار التطرف ونفي الآخر المختلف دينيا أو إيديولوجيا، ويتغذى فيه على مشاعر الكراهية والعنف المبرر واللاتسامح. أما النمط الثاني فيختار الانتساب إلى الجماعات القتالية عن اقتناع وطواعية، وقد تلقى تربية إسلامية في المنزل، وتعلم أبجديات الإسلام الأساسية داخل الكتاتيب القرآنية أو في المدرسة، غير أنه يرى في الغرب عدوا للإسلام، ويؤسس رؤيته على جملة من العناصر كنظرية المؤامرة الغربية، ودعم الغرب للحركة الصهيونية في فلسطين، والحملات المغرضة على الإسلام والمسلمين، وضرب الخناق على الأقليات الإسلامية، وغير ذلك.