تقرير/ التجاني بولعوالي -> انعقدت يوم 25 فبراير 2023 في رحاب كلية اللغة العربية بجامعة القاضي عياض في مراكش الندوة العلمية الدولية الأولى حول موضوع: "الدين والمجتمع في أوروبا: المحددات، التحديات، المآلات"، وقد تم تنظيم هذه الندوة العلمية من طرف مركز بيان للبحوث وقضايا المجتمع ومركز اجتهاد للدراسات والتكوين في بلجيكا، وبتعاون مع كلية اللغة العربية التابعة لجامعة القاضي عياض في مراكش. وقد تحددت أهم الأهداف التي عمل منظمو هذه الندوة على تحقيقها في تسليط الضوء على دور الأديان في بناء منظومة القيم الأوروبية والإنسانية، وتأصيل ثقافة التسامح والتعايش بين المكونات الدينية من جهة والفلسفات الوضعية والعلمانية من جهة أخر في أوروبا، والدعوة إلى تآزر جميع المكونات الدينية والعلمانية والعمل على إشراكها في التنمية الحضارية للمجتمع الأوروبي، والتعرف على مختلف تدابير وتشريعات دول الاتحاد الأوروبي للمسألة الدينية واستيعابها بشكل عقلاني وموضوعي. بالإضافة إلى ذلك، سعت هذه الندوة إلى الوقوف على التحديات التي تواجه مسار التدين في أوروبا والعمل على تجاوز تداعياتها السلبية سواء على المستوى الفردي أو الجمعي، وذلك بهدف اقتراح أساليب وقائية واستباقية لتفادي ظاهرة المس بالأديان والإساءة إليها، وتفعيل القرار الأممي 224/65 القاضي بتجريم ازدراء الأديان. وفضلا عن ذلك، أبرزت هذه الندوة جهود المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية في الحد من تفشي التمييز واللاتسامح الديني في المجتمعات الأوروبية.
وقد شارك في فعاليات هذه الندوة باحثون وخبراء أكاديميون من خمس دول أوروبية، وهي ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، بالإضافة إلى المغرب بكونه مستضيف هذه الندوة في مدينة مراكش.
وقد توزع برنامج الندوة على أربع جلسات. الجلسة الافتتاحية التي استهلت بآيات بينات من الذكر الحكيم تلاها على مسامع الحاضرين القارئ هشام الراجعي، ثم أعقبتها كلمات الجهات المنظمة والمتعاونة، ألقى الدكتور محمد غلبان كلمة مركز بيان للبحوث وقضايا المجتمع، كما ألقى الدكتور التجاني بولعوالي كلمة مركز اجتهاد للدرسات والتكوين في بلجيكا. أما كلمة كلية اللغة العربية التي احتضنت هذه الفعالية الدولية في رحابها فقد ألقاها عميدها الدكتور أحمد قادم. بالإضافة إلى ذلك، تم إلقاء كلمتي كل من المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، ملحقة المشور في مراكش، والمديرية الجهوية للثقافة لجهة مراكش – أسفي.
جاءت الجلسة العلمية الأولى تحت عنوان مُحدّدات العلاقة بين الدين والمجتمع في أوروبا، وقد ترأسها الدكتور ميمون باريش، مدير مختبر الدراسات والبحوث الفقهية وقضايا الهجرة والأقليات، جامعة القاضي عياض في مراكش. أما مقرر الجلسة فكانت ذة. مريم الطلبي عن المجلس العلمي المحلي للحوز وعضو مركز بيان للبحوث وقضايا المجتمع. وقد تضمنت هذه الجلسة أربع مداخلات: المداخلة الأولى للدكتور عبد العزيز العمراني، كلية الآداب والعلوم الإنسانية تطوان تحت عنوان: "الدين في التشريعات والدساتير الأوروبية"، بينما المداخلة الثانية للدكتور المنصف لكريسي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة القاضي عياض مراكش تحت عنوان: "التدين والالتزام بالغرب بين تطلعات المسلمين وإجبارية القوانين". أما المداخلة الثالثة فكانت للدكتور عبد المالك هيباوي، أستاذ التعليم العالي سابقا بجامعة توبنجن وعضو الهيئة العلمية للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، وقد تناول فيها موضوع: "الإسلام والمسلمون في الغرب والسياسة الدينية الأوروبية، الحالة الألمانية أنموذجا". في حين كانت المداخلة الرابعة للدكتور محمد حصحاص من جامعة لويس الدولية روما في إيطاليا، وقد عالج فيها مسألة "الإسلام في أوروبا في سياق علماني".
أما الجلسة العلمية الثانية فقد تم تخصيصها للحضور الإسلامي في المجتمعات الأوروبية: التحدّيات والمآلات، وقد أدارها الدكتور عبد الرحمن العمراني، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة القاضي عياض، وكانت الدكتورة مريم الكاهية، عضو مركز بيان للبحوث وقضايا المجتمع مقررا لها. وقد احتوت هذه الجلسة خمس مداخلات. أولها للدكتور التجاني بولعوالي، كلية اللاهوت والدراسات الدينية، جامعة لوفان في بلجيكا، وقد قارب فبها موضوع: "التعددية الدينية والثقافية: إغناء أم تهديد لانسجام المجتمعات الأوروبية؟" وثانيها للدكتور رشيد المناوي، وهو باحث في الشأن الديني والاجتماعي، جامعة غوته بفرانكفورت في ألمانيا، وقد تناول موضوع: "الشباب المسلم وإشكالية الهوية وتعدد المصادر الدينية، ألمانيا أنموذجا". وثالثها للدكتور ميمون الداودي، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، وقد عالج فيها مسألة "الفضاء الرقمي وهوية المسلمين في أوروبا: نحو دينامية جديدة للاندماج". ورابعها للدكتور محمد ظهيري، جامعة كومبلولينسي بمدريد في إسبانيا حول: "الدين والمجتمع في أوروبا، حالة إسبانيا أنموذجا". وانتهت هذه الجلسة بمداخلة الدكتور يوسف نويوار، مختبر جامعة بول فاليري مونبوليي بفرنسا، بموضوع: "تدريس الشأن الديني بالمدرسة الفرنسية بين هيمنة العلمانية وتحديات الحضور الإسلامي".
وبعد يوم استثنائي طويل شهد دينامية فكرية وأكاديمية متميزة ساهم فيها جيل جديد من الباحثين من مختلف الجامعات المغربية والأوروبية، وبحضور جمهور عريض من الطلبة والباحثين والمهتمين، أسدل الستار على هذه الندوة العلمية الدولية بالجلسة الختامية، التي تم فيها قراءة البيان الختامي للندوة من طرف مركز بيان للبحوث وقضايا المجتمع، وتوزيع الشهادات، وإلقاء كلمة الشكر والتقدير من قبل مركز اجتهاد للدرسات والتكوين في بلجيكا. وفي الأخير تم الختم بالدعاء الصالح من قبل الدكتور محمد أيت عدي، عضو مركز بيان للبحوث وقضايا المجتمع. وذلك على أمل الاستمرار مستقبلا في هذا التقليد الأكاديمي، والتمكن من تنزيل المخرجات الكثيرة التي توصل إليها المؤتمرون أثناء هذه الندوة.
Add comment
Comments